- إذا تربى
الإنسان أحس في نفسه أنه سعيد بوجود الآخر معه، ولكن نحن في وسط لا يحس فيه أحدنا إلا
أنه شقي بوجود غيره، وقد ذهبت الثقة بيننا أدراج الرياح، وخلفتها الشكوك والريب، والظنون
الأثيمة، المولدة للوساوس والأوهام، ولا شقاء للمرء أعظم من وجود ضميره في هذا الشقاء!
ولو كنا متربين لانبث فينا إحساس واحد، يؤلف بين شعورنا وحاجتنا، وحينئذ يحس كل فرد
منا بأن عليه وظيفة يؤديها لنفسه، وغيره، إن العلم الحقيقي هو الذي يعلم -الإنسان-
العلاقة الموجودة بينه وبين غيره من الأفراد في جامعته، فهو إذن يعلم الإنسان: من هو؟
ومن معه؟ فيتكون من ذلك شعور واحد، وروابط واحدة، هي ما يسمونه بالاتحاد، ألا إن الاتحاد
ثمرة لشجرة ذات فروع، وأوراق، وجذوع، وجذور هي الأخلاق الفاضلة بمراتبها! فعلى المسلمين
أن يربوا أنفسهم تربية إسلامية حقيقية ليجنوا تلك الثمرة، وبغير ذلك كل أمل باطل، وكل
الأماني أحلام وأوهام، وكل احتجاج بغير سعي عجز! [الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار
الغربي،