قال سيد قطب: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا
وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة (144)] من كل اتجاه، في أنحاء الأرض جميعاً، قبلة واحدة
تجمع هذه الأمة، وتوحد بينها على اختلاف مواطنها، واختلاف مواقعها من هذه القبلة، واختلاف
أجناسها وألسنتها وألوانها، قبلة واحدة، تتجه إليها الأمة الواحدة في مشارق الأرض ومغاربها،
فتحس أنها جسم واحد، وكيان واحد، تتجه إلى هدف واحد، وتسعى لتحقيق منهج واحد، منهج
ينبثق من كونها جميعاً تعبد إلهاً واحداً، وتؤمن برسول واحد، وتتجه إلى قبلة واحدة،
وهكذا وحد الله هذه الأمة، وحدها في إلهها ورسولها ودينها وقبلتها، وحدها على اختلاف
المواطن والأجناس والألوان واللغات، ولم يجعل وحدتها تقوم على قاعدة من هذه القواعد
كلها، ولكن تقوم على عقيدتها وقبلتها، ولو تفرقت في مواطنها وأجناسها وألوانها ولغاتها،
إنها الوحدة التي تليق ببني الإنسان، فالإنسان يجتمع على عقيدة القلب، وقبلة العبادة،
إذا تجمع الحيوان على المرعى والكلأ والسياج والحظيرة! [في ظلال القرآن (1/134)].