إن من ضرورات مواجهة الأزمات، اجتماع الكلمة،
ورص الصفوف، وتحقيق الأخوة الإيمانية، حتى مع اختلاف الآراء في طرائق الإصلاح وأولوياته،
فإن للاختلاف في أوقات الفتن آثاراً بالغة الخطورة؛ فهي من أعظم أسباب الفشل والاضمحلال؛
ولذلك نهى الله أهل الإيمان عن الاختلاف عموماً، وفي مواطن القتال خصوصاً، فقال تعالى:
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [لأنفال (46)] ولذلك فإن الواجب على
أهل الإيمان أن يكونوا صفاً واحداً ملتحم البناء، يشد بعضه بعضاً، ولا يلزم من هذا
أن تتوحد أقوالهم وآراؤهم، بل لا بأس باختلاف الأقوال والآراء إذا لم يمتد إلى القلوب
والأفئدة، فإن كثيراً من مثارات الخلاف، ومواطن اشتباك الآراء في طرائق الإصلاح، وسبل
النهوض بالأمة يكون الحق فيها موزعاً بين المختلفين، فالواجب أن نربي أنفسنا على سعة
الصدر، ورحابة الفؤاد، وأن نشيع بيننا روح التناصح والتعاذر، بدلاً من مسلك التقاطع
والتهاجر.