فلم يزل -صلى الله عليه وسلم- يقذف في أسماعهم
فضائل الإيمان، ويقرأ على قلوبهم قوارع القرآن، ويدعوهم إلى عبادة الله باللطف لما
كان وحيداً، وبالعنف لما وجد أنصاراً وجنوداً، لا يرى للكفر أثراً إلا طمسه ومحاه،
ولا رسماً إلا أزاله وعفَّاه، ولا حجة منوهة إلا كشفها ودحضها، ولا دعامة مرفوعة إلا
حطها ووضعها، حتى ضرب الحق بجرانه، وصدع ببيانه، وسطع بمصباحه، ونصع بأوضاحه، واستنبط
الله هذه الأمة من حضيض النار، وعلاها إلى ذروة الصلحاء والأبرار، واتصل حبلها بعد
البتات، والتأم شملها بعد الشتات، واجتمعت بعد الفرقة، وتوادعت بعد الفتنة، فصلى الله
عليه صلاة زاكية نامية رائحة غادية، منجزة عدته، رافعة درجته. [تفسير القرآن الكريم
- المقدم (136/ 11)].