قال البقاعي -رحمه الله-:
ولما كان الضار للخلق إنما هو الشتات كان النافع لهم إنما هو الوحدة، فلما أظهر لهم
تعالى مرجعهم إلى وحدة أبوة آدم -عليه الصلاة والسلام- في جمع الذرية، ووحدة أبوة إبراهيم
-عليه الصلاة والسلام- في جمع الإسلام، ووحدة أحمدية محمد -صلى الله عليه وسلم- في
جمع الدين، فاتضح لهم عيب الشتات والتفرق، وتحقق لهم شاهد النفع في الجمع إلى وحدات،
كان ذلك آية على أعظم الانتفاع بالرجوع إلى وحدة الإلهية في أمر الحق، وفي إفهام ذلك
وحدات ما يظن في ظاهر الوحدات الظاهرة من وحدة الروح، ووحدة النفس، والعقل، فقال تعالى
عطفاً على ما ظهر بناؤه من الوحدات الظاهرة، وما أفاده إفهامها من الوحدات الباطنة:
{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة (163)] فإذا قبح الشتات مع وحدة الأب الوالد،
فكيف به مع وحدة الأب المدّين! فكيف به مع وحدة النبي المكمل! فكيف به مع وحدة الإله
الذي هو الرحمن الذي شمل خلقه رحمانية! الرحيم الذي اختص أولياءه وأصفياءه عناية، فجمعهم
بوحدته التي هي قائم كل وحدة دونه! [نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (2/ 283)].